جانب من دور أعضاء جمعية اللواء الأبيض بمصر
بدأ مراسلاتهم معبرة
بكل غضب علي الأعمال التي تمارس علي أخوانهم بالسودان من سجن وضرب وظلم وإضطهاد، وهذا
العضو "عرفات محمد عبد الله":كثرت تخرصات الصحف الانجليزية حول حوادث
السودان الأخيرة وتضاربت أراء كاتبيها في تحليل تلك الأحداث. علي إنها اتفقت جميعاً
علي نغمة واحدة هي، نسبت كل ما حدث من قلاقل إلي دسائس المصريين. وأكثر هؤلاء
الكتاب (بعضهم كان بمصر أو السودان) يعلمون في ضمائرهم غير ما يجهرون به، أم نراهم
لا يفقهون ما يقولون؟. ذكرت جريدة (الييل) علي ما نقل مراسل (الأهرام) ما لضريبة
السكر. (والأ صوب أن تقول احتكار الحكومة للسكر) ـــ ونسيت ضرائب الإيراد التي
أرهقت كاهل الأهالي غنيهم وفقيرهم ـــــ
ذكرت إن العدل لا يأخذ مجراه لجهل القضاة الجدد (وما كادوا يوماً قضاة
بالمعني الصحيح) باللغة العربية ولو أضافت جهلهم بأحوال البلاد وبالقانون الذي
يعلفوه وعملهم تحت دافع السياسة والاستعمار لا دافع العدالة لا نصفت. ذكرت هذه
الجريدة نفور الزارع السوداني من حقول (التجارب) التي تقيمها الحكومة ( لكراهيته
لكل تقدم !! ) ولو علمت إن الزراع اقبلوا علي هذه الحقول إقبالا عظيماً في أول
الأمر حتى أورد بهم جميعاً موارد الذل والعاقة لعلم سبب نفورهم. ثم تكلمت الجريدة
ما شاءت عن السادة الثلاثة: ولما كان من مبادئها عدم التعرض للأشخاص فنحن نكتفي
بذكر واقعة حال تري العالم كيف تكبر الانجليز وعلوهم وسوء سياستهم حتى مع من
اظهروا لهم كل إخلاص وولاء واليك تفاصيل الواقعة: وضع الأعيان الثلاثة اللائحة
الآتية :
1
ــ أن يكون مركز بريطانيا في السودان كدولة منتدبة لمدة معينة تنجلي بعدها من
البلاد تاركه الحكم في يد أهله .
2ــ أن تكون في البلاد حكومة وطنية مسؤلة أمام مجلس شوري منتخب .
3 ــ تعديل مشروعات الري بما يجعلها في مصلحة الأهالي قبل كل شيء. وان تديرها أيد وطنية وتشرف عليها حكومة البلاد (لا الشركات البريطانية) .
4 ـــ إيجاد لجنة من كبار الوطنيين للإشراف علي برامج التعليم وطرق تعميمه. وتلي ذلك طلبات أخري تفصيلية أساسها إدارة البلاد في جميع مرافقها العامة بأيدي أهلها وان لا يكون للانجليز غير والوصاية المحدودة ويكون ذلك بموجب وثيقة رسمية .
والفقرة الأخيرة كانت بصفة إنذار للحكومة البريطانية انه لو لم يجب علي كل هذه المطالب (برمتها) فسيعتبرون أنفسهم منضمين بلا شروط ولا قيود للجانب المصري والمفهوم إن بعض السادة كان يريد أن يرأس هذه الهيئة. وما كادت هذه الفكرة تنشأ ويسعي أصحابها في تعميمها وتحضير الوثيقة اللازمة حتى استدعت الحكومة القائمين بهذه الحركة وهم من خيرة الوطنيين وأفهمتهم إنها تعتبر إن هذه الحركة اشد خطراً من جمعية اللواء الأبيض وإنها ستقمعها بكل ما أوتيت من قوة. وحذرتهم في المضي فيها خطوة واحدة. فانظروا يا قوم كيف لا يُخلص الانجليز حتى لمن يخلصون إليهم؟. والي أي حد يريدون أن يمضوا بمطامعهم! فهم يريدون أن نختم لهم تحت الحكم العرفي علي عرائض إخلاص وولاء ولا يريدون أن يعطوا وثيقة واحدة تعرب عن نياتهم تجاه السودان. هم يفعلون كل ذلك تحت الأحكام العرفية والقوانين الاستثنائية ويقولون من طرف آخر إن السودانيين مرتمون في أحضانهم خوفاً من ظلم المصريين. قالوا إن هذه الجمعية مؤلفة من (الرعاع) وقد كانوا يقولون من قبل إن (زغلول باشا غير مُؤيد إلا من الرعاع!) لما شعروا أن الجمعية قوة لا يستهان بها أرادوا تشويه سمعتها بان نسبوا إليها، تهديد الموظفين الانجليز بالقتل وانه يعلم إذا ما كنا سفاكين للدماء بل العكس نقدم أرواحنا للانجليز لترهقوها، قربانا علي مذابح الحرية المنشودة ـــ فليقتلوا وليسجنوا من شاءوا فلن نرفع نحن في وجوههم سلاحاً غير الحق الصراح. وليعلموا أنهم إن خافوا علي أرواحهم فليس الخوف منا، بل من نتائج عسفهم وظلمهم للأهالي البسطاء الذين ظلوا فوق ربع قرن بين المطرقة والسندان .
عرفات محمد
عبد الله /وكيل جمعية اللواء الأبيض بمصر
الأهرام في
يوم الثلاثاء 19 أغسطس1924 ـــ العدد (14455)