السبت، 16 ديسمبر 2017

رسالة جمعية اللواء الأبيض/ إلي رئيس الوزارة البريطانية/ الخرطوم في 17 يوليو سنة 1924.. من كتاب عبيد






رسالة جمعية اللواء الأبيض/ إلي رئيس الوزارة البريطانية/ الخرطوم في 17 يوليو سنة 1924 :


سيدي

 تري هذه الجمعية من الواجب، أراء تصرفكم الأخير الذي أعلنتموه في يوم 10 الجاري في خلال المناقشة التي دارت في مجلس العموم أن بلغت نظر حكومة صاحب الجلالة البريطانية ونظر الوجهة البريطانية إلي التغير السيئ الذي أحدثه هذا البرلمان الجلي علي سياسة بريطانيا التي قررت من زمن بعيد في شأن السودان، في عقول جميع طبقات هذه الأمة ولا يسعنا إلا الاحتجاج، بكل قوانا علي اتخاذ هذه الحربة علي حسابنا. إن الأهمية الكاذبة التي تلقونها علي تصريحات هؤلاء متى أعلنها ( 91 % ) من سكان السودان من تلقاء أنفسهم. وهي التصريحات التي اغتصبت منهم اغتصاب باستخدام السلطة الرسمية للموظفين الانجليز، استخدام غير مشروع هي علي ما يظهر حجر الزاوية في صرح الاستعمار العظيم. وإننا لنسأل أنفسنا مراراً وتكراراً ونوجه إليها أسئلة لا نستطيع أن نجيب عليها جواباً شافياً وهو: "هل تدرك حكومة صاحب الجلالة البريطانية قيمة هذه المستندات؟" وهل تعرف حقيقة ما يجري هنا؟. "وهل تعرف إن الموقعين الذين شهدوا أختامهم ليسوا هم أصل هذه الأعمال، وانه ماذا كانوا أطاعوا أوامر المديرين البريطانيين بتوقيع الوثائق فان لهم آراء أخري تختلف عما تشمله تلك الوثائق اختلافاً عظيماً؟". علي إننا نفضل الاعتقاد بان الرجال المسئولين في بريطانيا العظمي ليست لهم يد في هذه المشروعات التي تجري في الخفاء، وأنهم قبلوا المعلومات التي تقدمها إليهم حكومة هذه البلاد باعتبار أنها حقائق صحيحة خالية من الغش، فلهذا السبب يجدر بنا أن نشرح حقيقة الأحوال. إذا كان البريطانيون لا يرضون تأجيل المفاوضات مخافة أن تهدم أية ريح تهب من مصر، الأعمال التي قامت في أعوام طويلة كما يقوم بيت مكون من ورق لعب، فان هذا دليل كاف علي إن هذه الإعمال ليست قائمة علي أساس وطيد، والواقع إن خطة الحكومة إزاء كل شخص حر الأفكار، واضطهاد الوطنيين، وسائل شاذة لم يسبق لها مثيل، يدلان علي مبلغ اعتماد البريطانيين علي عدالة قضيتهم. إن الحقيقة المرة المجردة هي أن هذه البلاد المنكوبة التعسة، تستثمر وتستعمل وينزل الفقر بأهلها إرضاء لشهوات الاستعماريين وأصحاب الأموال، لقد أخذ العامة الجهلاء، الذين كانوا ولاة الأمور يعتمدون علي جهلهم، يدر أول الخطر المحدق بهم، فمن الإنصاف أن يتحمل الذين ابتكروا هذه المشروعات مع إهمالهم، ويجنوا ثمارها المرة، بدلاً من يعزي كل شيء إلي "تحريض" المصريين. إذا كانت الحكومة تريد أن تضرب كل وطني حر بيد من حديد، وتعود إلي أعمال الاضطهاد، والسجن، وسوء المعاملة، لقمع الأعمال السلمية البريئة، فان عليها أن تدرك انه سيأتي يوم تدفع فيه العامة إلي اليأس رغم أنوفهم، فنرجو أقل تقدير إلا تقع مثل هذه الأزمة الخطيرة، إن الحكومة تصلح موقفها  وتتبع خطة تكون أجدر احتمالاً. وحرصنا أن نقول إننا نعاني أشد المحن والتجارب، علي أن نتخلى عن قضيتنا، وان يدخل الرعب في قلوب آخرين فليلزموا الصمت والخضوع!. لقد دلت محاكمة عليّ أفندي عبد اللطيف الأخيرة علي إن ولاة الأمور لا يقومون بمراعاة العدالة. أو إي شيء من هذه الاعتبارات المقبة، فقد تمت المحاكمة التي نظمت من قبل بالرغم من إن الدفاع إذ حضر بالحجة والدليل لتسمع الدلائل التي قدمها الاتهام. ولا ريب إن هذا يدل علي إن هناك عزما علي خنق صوت الرجال الأحرار بكل وسيلة مشروعة أو غير مشروعة وإعطاء الوطنيين "درساً". وقد بلغت سياستهم من الانحطاط أن التجئوا إلي عمل غير مشروع وهو مقاطعة تلغرافاتنا، ووقفها مع إن الرقابة الأصلية ألغيت من زمن بعيد، وهذا هو السبب الحقيقي الذي منعنا من إرسال احتجاجاً إليكم تلغرافياً. نرجو من صميم قلوبنا تعيروا الرسالة ما نستحقه من الاهتمام والعناية، ولا تولوا  بأنفسكم في الثقة المطلقة بأعمال الرجال الذين سبقوكم هذا الجزء من العالم. نعم ... يحتمل أن يوجه إليهم الثقة بسخاء وكرم علي أعمالهم البديعة المدهشة ولكن هذا لا يمنع الحقيقة البارزة وهي إن مناوراتهم الحالية لا تنفع أحدا ولا القضية التي يخدمونها. وان نالوا جهداً حتى تفهم هذه الألغاز المستورة وحتى يعلم الجميع إن السودانيين ليسوا قطيعاً من الماشية يباعوا ويشتروا. وانه ليحزننا إذا كنا في محاولاتنا نشرح الحقائق المجردة. فقد تجاوزنا حدود الليقات التقليدية، علي إننا نرجو أن تمعنوا النظر في الجوهر قبل الأغراض ونحن يا سيدي خدامك المطيعون.


أعضاء جمعية اللواء الأبيض
عن الرئيس/عبيد الحاج الأمين


 الأهرام في يوم الأربعاء 6 أغسطس1924 ـــ العدد ( 14441 ) الصفحة الرئيسية







0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية