الأحد، 19 فبراير 2017

جزء من الفصل الثامن للكتاب (دار فوز)



كيف وأين إلتقي الشبيبة للتخطيط للعمل السري؟


لا أحد يصدق كيف وماذا فعل هؤلاء الفتية "الشبيبة" الناهضة من أجل عمل يجمعهم لتنفيذ كل ما يربوا إليه من إستقلال بلادهم التي تمثل بالنسبة لهم "مصر والسودان" منصهرتان في وحدة وادي النيل، ولكن كيف يتم هذا اللقاء وقرون الاستشعار ترصد كل تحركاتهم وتمنع أي إجتماعات حتى الإحتفالات يتصدرها الإنجليز ويدسون أعينهم في كل ركن منها، لم يتسرب اليأس في جسد هؤلاء ولم يكن الخوف يعرف طريقاً إلي قلوبهم، وبكل شجاعة وإقدام قرروا ألقاء في (دار فوز)، فما هي هذه الدار ولماذا تم إختيارها؟. فوز هي سيدة تهوي الغناء والطرب وجعلت من دارها ملتقي لمن يطرب بالغناء وقضاء سهرات هناك، وكما هو معروف وفي ذاك الزمان مثل هذه الأماكن تعتبر بالنسبة لشعب مثل الشعب السوداني ذو التدين والتمسك بالقيم والمبادئ شيء غير مقبول ولا يمكن أن يرتاد مثل هذه الأماكن من أبناء العائلات وذوي الأصول المعروفة، وهذا هو مطلب هؤلاء (ذكاء غاب علي البوليس السياسي)، وفي رأي المتواضع أطلق علي هذا المكان (دار فوز) ــ (معمل التنويم المغنطيسي للإمبراطورية البريطانية)، تلك الإمبراطورية التي قهرت العالم وأصبحت من العظميات في زمانها أراد هؤلاء الفتية تلغينها درساً بطريقتهم الخاصة فهل نجحوا في زعزعتها وتخويفها أم تغلبت عليهم؟. وبذلك قرر الشبيبة أن تكون لقاءاتهم بين من لا ينفع ولا يضر، فبدأت فعاليات الطريق للعمل السري, وبالفعل اُستقطب عدد غير قليل من فتية لا هم لهم غير قضاء وقت في لهو دون إستثمار طاقاتهم المكبوتة، محطمي الآمال لا ينظرون للمستقبل نظرة المتفأل، فعندما وجدوا إن للحياة معان سامية والوطن ينتظر منهم الكثير .... شب الشباب وتفتحت لهم أفاق رسموا طريق الخلاص، وبدأ الحديث عن الصراع ضد الإستعمار رغم عدم التكافؤ، ولكن الإصرار والعزيمة والتفاني في العمل الجماعي مع الحماس والشجاعة، كل هذه القيم الجميلة إختلطت مع دمائهم وسوف يصبح الحديث الذي كان بالأمس همساً، غداً صوتاً مدوياً، من ( دار فوز ـــ معمل التنويم المغنطيسي للإمبراطورية البريطانية) نشبت المعركة فكانت حامية الوطيس. فكانت لهذه الدار أيضاَ حلقات من الفن والأدب والشعر بجانب الغناء والطرب، ثم الموضوع الهام وهو ..... تكوين جمعية  "الاتحاد السوداني"  أول حزب سوداني في تاريخ السودان الحديث الذي تصعّد فيما بعد (وليس إنشق كما قيل) إلي "جمعية اللواء الأبيض". فما هو أول حزب ناهض الإستعمار وكيف نشأ ؟ .

جمعية الإتحاد السوداني السرية أول حزب سياسي في السودان

 كما هو معلوم لم يترك الإنجليز بلداً إستعمروها إلا وفرضوا كامل سلطانهم علي من وما فيها، وللتغلب علي الصعاب الجسام التي واجهت من يقوم بأي عمل يخالف نهجهم، ذهب بعض فتية تشربوا بالوطنية ونالوا قسطاً من التعليم، فتح لهم كثير من آمال طالما تطلعوا إليها، فبدأت الفكرة في أنشاء صرح وطني يعبر عن ما بداخلهم من شعور نحو بلادهم الغالية عليهم، وفي تلك الفترة كانت المنطقة المحيطة بالقطر السوداني من شماله وجنوبه شرقه وغربه، بها كثير من فتيّة نضال يواجهون جمّ الصعاب لنيل حريتهم وطرد الإستعمار الدخيل علي بلادهم. فكيف تم ذلك ؟. أقتبست تلك الكلمات من كتاب (ملامح من المجتمع السوداني)، للأستاذ المخضرم حسن نجيله وهو واصف هؤلاء الشباب الوطني فقال: " ولو عرفتم أي جو كان يعمل أولئك الشباب الميامين وأي سيوف من الإرهاب كانت مسلطة علي الرقاب، لأكبرتم لهم تلك الجهود ولخلدتم ذكراهم بين أكرم الخالدين في التاريخ. الله وحدة يعلم أي عناء كانوا يلاقون وهم يبنون الحركة الوطنية وينشرون الوعي".... تكونت جمعية الاتحاد السوداني في حوالي العام 1920، من شبيبة ناهضة أبت ألا أن تكون لها وجود حتى ولو كان سراً، وفعلاً أنشأ كل من (عبيد حاج الأمين، توفيق صالح جبريل، إبراهيم بدري، سليمان كشة، ومحي الدين جمال أبو سيف)، النواة الأولي لأول تنظيم سري في السودان، وهو (جمعية الاتحاد السوداني)، له نهج، حيث أن به خلايا سرية لا يتجاوز عدد أفرادها الخمسة، ويديرها جهاز (أعلي) وهم الخمسة المؤسسين للتنظيم، وإذ ما أرادوا ضموا لهم من ممثلي الخلايا. له من الأهداف:
1-      مناهضة الإستعمار بنشر المنشورات سراً لجميع طبقات المجتمع السوداني.
2-      بث روح الوطنية بين الشباب من خلال تلك المنشورات.
3-      التشجيع علي التعليم للنهوض بالبلاد.



0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية